المسخرة المسرحية 2  

احتمالات

سنياريو

 هادي المهدي

 

 

المشاهد المسرحية مأخوذة عن

·  الحلم - شرويدر

·  القرار - كابخيولكو

·  قلب - هاينز موللر

·  الموت - فرانزمون

·  آسف - فلان أوبراين

·  القيء - دانييل شارمز

·  السجادة - ليس هو - بائع الكتب هوارد باركر


-في الممر -

" عند المدخل الرئيسي لدخول المتفرجين، يقف ممثل بأزياء وماكياج العرض ويفضل أن يكون غريب الشكل، يهمس للمتفرجين التالي:"

سأخبركم بالحقيقة كلها.. أصغوا إليَّ رجاءً... سأقول لكم سر هذه المسرحية... في المشهد الأول سوف لن يحدث أي شيء... وفي المشهد الثاني لن يحدث أي شيء... وفي المشهد الثالث... أوف... فلن يحدث فيه أي شيء كذلك وستنتهي المسرحية دون أي شيء... لقد قلت لكم الحقيقة وعليكم أن تقرروا... سأذهب لألتحق بزملائي قبل أن يكتشف مدير المسرح غيابي... إلى اللقاء...

"يدخل المسرح"

الممثل 1:

-الحلم-

" عند دخول المتفرجين وفي الفترة التي يجلسون فيها ثمة موسيقا خاصة أو أغنية ذات إطار وجداني خاص ، المسرح غارق في العتمة، ثمة ضلال للممثلين وقد توزعوا بأشكال عديدة وهم يرتدون المعاطف السوداء ويحملون مظلات ملونة، ثمة ممثلة نائمة في الوسط وهي ملتفة بشرشف ملون، تتقلب بانزعاج وكأنها في حالة كابوس...تستيقظ هلعة، تنظر حولها... تضيء مصباح يدوي توجهه إلى وجوه الممثلين ببطء... ثم تستدير وهي جالسة لتضيء وجوه  المتفرجين، تحملق بهم بشكل غريب، تخاف ، تغضب، تبتسم ، تتساءل... أخيراً تفتح فمها بشكل واسع وتهمس:"

لقد حلمت الآن بكم جميعاً

الممثلة :

" تضحك بشكل بريء... وأخيراً بشكل هستيري، ينهار المثلين من الإعياء ويغطون بضحك هستيري مع الموسيقى الإضاءة تشع داخل المكان"

كفى هذا هو المسرح الذي نعمل من أجله

المخرج  :

الضحك جزء من المسرح

الممثل1 :

والبكاء والمعاناة أيضاً... هذا السيد لا يرى في المسرح إلا البكاء والمعاناة والتواء الجسد دليلاً على عمق وجدية المسرح

الممثل2 :

لا... أقصد

 

تقصد أو لتقصد... يا شباب أريد الذهاب إلى البيت... هل سنبقى معتقلين هنا... هل ذهب الحارس حقاً... والله سيذبحني والدي... ماذا أقول له؟

ممثلة 2:

والله أنا لا أصدق ما يحدث... الحارس يقفل الباب علينا ويذهب... لدي ارتباط في التلفزيون لدي تصوير مشاهد ليلية والتلفزيون لا يحتمل التأخير مثل المسرح.

ممثل 3:

أعتقد أنه اتفق مع المخرج... إنها خدعة تعالوا نطرق الباب

ممثل 3:

هيا... هيا... "يطرقون على أبواب الصالة" أبو فلان... أبو فلان... كفى نريد الذهاب إلى بيوتنا وأعمالنا... سنحطم الأبواب

"يخف الطرق تدريجياً، تنبعث موسيقا القصف المدفعي وأصوات الطائرات ويبتدأ على المسرح مشهد السجادة"

الجميع :

- السجادة-


 


" فجأة تبدأ ممثلة أو ممثل بالغناء يدخل الممثلين إلى المسرح يجلسون بأشكال عديدة

إن عملنا في المسرح مجرد هراء من يعبأ بنا... من يهتم كل هذا مجرد لعب وضحك... ولكن على من نضحك... على أنفسنا... انظروا إلى المسارح الليلية المجاورة لمسرحنا هذا إنها تعج بالجمهور... رغم غلاء التذاكر... ونحن هنا في هذا القبو الخانق نعرف ونختصر دون أن يشعر بنا أحد... يا جماعة المسرح مات في هذا البلد السعيد...

ممثل 4:

هيا نوقد الشموع على قبره

ممثل 1:

إنه يقول الحقيقة... هل نعمل من أجل الأجور التافهة... أم من أجل الإعلام الذي يهملنا... أو الجمهور الذي لا يهتم

ممثل 2:

وبعد ذلك تأتي وقاحة النقاد والصحفيين

الممثل3:

أحد يأتي إلى العرض ولديه رؤية فوقية ونقدية جاهزة.

الممثل4:

وأخر يريد العرض وفق مقاس عقله ومذاقه .

الممثلة2:

وثالث يمدح بلا حدود.

الممثلة3:

هراء... أوقدوا الشموع لقد مات المسرح...

الممثلة4:

"الممثلة تغني من جديد والممثلين يوقدون الشموع، يدخل أحدهم إلى الممثلة..."

"قلب"

هل تسمحين أن أضع قلبي تحت قدميك

الممثل :

إذا كان ذلك لا يلوث الأرض

الممثلة :

قلبي نقي

الممثل :

سوف نرى

الممثلة :

لن أستطيع إخراجه

الممثل :

هل تريد مساعدتي.

الممثلة :

إذا لم يكن لديك مانعاً.

الممثل :

خذ "تعطيه سكين"

الممثلة :

بكل سرور "يمزق صدره ويخرج لها قلبه"

الممثل :

ولكن قلبك من حجر... قلبك من حجر.

الممثلة :

وهل تعتقدين أن قلبي يحتمل واحدة مثلك يمكن أن يكون من لحم ودم... لابد أن يكون قلبي من حجر ليحب واحدة مثلك.

الممثل :

"الممثلين عاصفة من الصفير والتصفيق يتحركون وهكذا يبتدأ المشهد الثاني بائع الكتب"

- بائع الكتب-


 

لقد مللت يا جماعة أريد الذهاب.

الممثل :

ها نحن نتسلى إلى أن يعود الحارس.

الممثل :

اللعنة على الحارس وعلى المسرحية وعلى اليوم الذي وافقت على العمل فيه معكم... لدي ارتباط في التلفزيون يا جماعة سأطرد من دوري.

الممثل :

ولم جئت للعمل معنا في المسرح.

الممثل :

يا أخي دودة... مازال البعض يقرأ في أذني... الفن أبو الفنون... المثل الحقيقي لا يخرج إلا من المسرح...

الممثل :

وأنا قالوا لي نفس الشيء... وانظر اليوم سأنام في الشارع... ماذا سأقول لأهلي يا ويلي...

الممثلة:

قولي لهم كنت أصور مشهد في التلفزيون "يضحكون..."

الممثل :

يا أخي القضية ليست في المسرح... المشكلة في الإدارة والإنتاج... لو حصل الممثل على ما يسد رمقه في المسرح فسوف لن يهرب من المسرح بل يعمل ويبدع.

الممثل :

ولا تنسوا المواضيع... معظم مسرحيتنا مترجمة وغريبة.

الممثلة :

ليكن النص مترجماً ولكن على الأقل لتكن النصوص قريبة منا كبشر نعيش في هذه المنطقة من العالم... من يكتب عنا... من يتحدث عنا... انظروا إلى الصالة... كل إنسان يحمل قصة وألم  يفوق ألم هملت وعطيل وكاليغولا...

الممثلة :

وإذن ما الحل؟

الممثل :

الحل أن نحطم الباب ونذهب  إلى بيوتنا لننام ونحلم بغد مشرق...

"ضحك عام"

الممثلة :

أيها الصديق أريد كأساً من الماء...

الممثل :

بكل سرور.

" يقدم له كأس، يشرب، يتردد حول طعمه، يعيد الكره... يشرب الكأس كاملة... يتألم.. يصرخ، والممثلين
يتجمعون حول"

الممثل :

ماذا أعطيتني.

الممثل :

زرنيخ

الممثل :

ولكنني طلبت ماء... ماء يا...

الممثل :

ولكنني ظننت أنك طلبت زرنيخ... أرجو عفوك يا صديقي.

الممثل :

أتدرك ما الذي فعلته أيها الغبي... إنني أموت.

الممثل :

أنا آسف... آسف للغاية... يا جماعة لقد أخطأت لم اسمع بشكل جيد... ظننته يطلب الزرنيخ.

الممثل :

لقد قلت ماء... ماء بوضوح... هل تفهم...

الممثل :

فهمت... أنا آسف... أنا أعتذر لك غاية الأسف

الممثل :

"يحتضر يموت، يموت المجموع"

وهذا يمكن للإنسان أن يموت بشكل مجاني.

الممثل :

هذا سخف... الإنسان في المسرح يموت بشكل مجاني... وكذلك في الحياة... دعونا نكون رحماء أكثر من الحياة فنجمع موت الإنسان كارثة المسرح... لعلنا نخلق شعوراً لدى الآخرين بقدسية الحياة... الحياة معجزة... وليست لعبة يا شباب.

الممثل :

الحياة معجزة... انظر سأقدم لك حكاية كتبها أحد المؤلفين بثلاث فصول والثلاث فصول يحتوي 75 مشهد عدد الممثلين فيها يتجاوز الـ25 ممثل... يمكن شطب الفصل الأول... والفصل الثاني أما الفصل الثالث فيمكن شطب جميع مشاهده باستثناء المشهد الأخير. كما يمكن شطب جميع شخصيات المسرحية باستثناء الشخصية الرئيسية وهي شخصية السيد سعيد المشهد الأخير يجري كالتالي...

الممثل :

"تجري الاستعدادات لمشهد وبحسب الوصف"

موسيقا حزينة... غرفة المكتب... السيد سعيد يروح ويجيء بقلق... يرفع
رأسه ويقول

اللعنة... لقد استغرقت هذه اللعبة زمناً طويلاً... كلام الناس... فضيحة... إنها فضيحة أخلاقية حقاً... ولكن لم أعد أحتمل هذه الكارثة... ابنتي هربت لتتزوج شاب من غير ملة... تحبه... ماذا أفعل... عليَّ أن أضع حداً لهذا... "يخرج مسدسه ويطلق النار على رأسه"

"تصفيق"

الممثل :

هذه قصة حياة طويلة... يمكن اختصارها مسرحياً... وبالتالي لا حاجة إلى دلع وفلسفة الكتاب... يجلسون في الفنادق الدرجة الأولى لا اصطياد الأفكار... وأي أفكار البعيدة والغريبة عنا... الحقيقة تنمو هنا في المسرح... المؤلف الحقيقي يجب أن يكتب هنا لأن المسرح صورة حقيقية للشارع والبيت بكل سخونته وطزاجته وعفونته...

الممثلة :

ولكن يا جماعة تحدثتم قدسية الحياة... ولكن جعلتم شخصية السيد سعيد ينتحر هكذا وبلا مبالاة.

الممثل :

لا تنسى أننا اختصرنا ثلاثة فصول تقريباً... لنؤكد أهمية الاختصار بدل الثرثرة ليس لدينا وقت لقصص العجائز بواقعيتها الرثة والتي تأخذ زمناً طويلاً لتقول أشياء نعيشها بشكل يومي... بديهيات يعرفها أي كائن بشري المهم الذروة...

الممثلة :

وأنا أعتقد أن الذروة دائماً تتجسد بالموت...

الممثل :

يا شباب ستحولون ليلتنا هذه إلى أحاديث في الموت وبعد قليل سننتقل إلى الحديث عن الأرواح والأبراج والأحلام... الحياة طرفة... ويمكن أن يموت الإنسان مخلفاً ضحكة وراءه...

الممثلة :

كيف ذلك.

الممثلة :

انظر

"يدخل اثنان"

الممثلة :

هل سمعت الخير؟

الأول :

أي خبر؟

الثاني :

عبد... عبد مات.

الأول :

مات عبد؟

الثاني :

نعم مات عبد؟

الأول :

لا حول ولا قوة إلا بالله... ولكن لا يهم فالناصر حي.

الثاني :

الناصر حي؟ لا...

الأول :

كيف ألا يزال الناصر على قيد الحياة؟

الثاني :

الناصر مات!

الأول :

مثل عبد‍؟

الثاني :

نعم مثل عبد!

االأول:

بيوم واحد؟

الثاني :

بالضبط بيوم واحد...

الأول :

لا أصدق ذلك.

الثاني :

ستسمع بالخبر وستصدق.

الأول :

عبد والناصر ... لا اصدق.

الثاني :

ولم لا تصدق.

الأول :

هل يعقل أن يقدما على الموت معاً؟

الثاني :

ولكن عبد الناصر شخص واحد؟

الأول :

عبد والناصر شخص واحد ؟ لا أصدق.

الثاني :

يا أخي صدق... عبد الناصر شخص واحد.

الأول:

لم أكن أتوقع ذلك... لم أعرف بذلك... لم يخبرني أحد أن عبد الناصر شخصاً واحداً.

الثاني:

وإذن ما الذي كنت تتوقعه.

الأول:

كنت أتوقع أن عبد شخص والناصر شخص آخر وإنهما يمكن أن يموتا ولكن الواحد تلو الأخر... ولكن الخبر الأهم من هذا أن عبد الله مات... عبد الله أتعرفه...

الثاني:

عبد مات؟

الأول :

نعم.

الثاني:

والله.

الأول:

استغفر الله

"يخرجون اثر صفير وهمس الممثلين بكلم... اش... أشـ"

الثاني :

-مشهدين هو-


 

"يدخل ممثل لوحده يروح ويجيء وإلى حد الملل."

كل يوم سأظل أروح وأجيء إلى أن ينتهي النهار...

"صفير"

الممثل :

ما هذا ؟

آخر:

مسرحية قصيرة... موضوع... وفعل... وحكاية...

الممثل :

"تدخل ممثلة وتجلس على كرسي وتقول"

هل يمكن أن نصمت قليلاً.

الممثلة :

"صمت"

"صفير وتعليق"

إنها مسرحية حقيقية تدعونا لسماع ذواتنا بصمت... هل حدث لكم ذلك من قبل؟

الممثلة :

"تصفيق وصفير"

أريد أن أقول... "يختنق"

الممثل :

يا جماعة "يصاب بالخرس"

الممثلة :

يجب أن أوضح "يتجمد"

الممثل :

ولكن الحقيقة "تصمت"

الممثلة :

سأقول لكم وبسرعة "تختنق"

الممثل :

أريد أن أقول لكم ما أريد أن يقوله أصدقائي

"تشعر بالغثيان... يتلوى الجميع... يتقيؤون"

الممثلة :

نعم هذا ما أردنا قوله... فالمسرح مهم على الأقل ليجعلنا نتقيء... المسرح الفاشل والمسرح الناجح... نتقيء شخصنا وحقائقنا

 "يهربون، يكسرون الأبواب ويخرجون"

الممثل :

ألم أقل لكم أن هذه المسرحية لن تقول أي شيء... لقد نصحتكم ولم تصدقوني... المهم نحن ذاهبون... فهذه المسرحية لا تحتوي على مشهد تحية... والممثلين لديهم مشاكلهم ولن ينتظروا تصفيقكم... اخرجوا... الهواء في الخارج أجمل وأنظف بكثير... المسرح الحقيقي هنالك في الخارج... تصبحون على خير...

الممثل:

تمت

 

عودة الى الرئيسية عودة الى الشبيه
دير الملاك كتابة السيرة على الماء ماكتبته الصحافة مواقع نصوص خشنة الحياة تبدأ غداً الطقس المسرحي الآن مفتتح